حالة العمل /فترة الفاعلية (on status) عند مرضى باركنسون
مرض باركنسون هو مرض تصلبي تنكسي يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وتحديداً الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين في الدماغ. يتميز بمجموعة واسعة من الأعراض الحركية ، بما في ذلك الارتجافات والتصلب والتباطؤ في الحركة ، بالإضافة إلى الأعراض غير الحركية مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الذاكرة.
واحدة من السمات الرئيسية لمرض باركنسون هي الظاهرة الشفافة. هذا يشير إلى تقلب الأعراض التي يعانيها العديد من مرضى باركنسون، حيث يعانون من فترات نسبياً من الإرتياح من الأعراض (فترات الانعكاس الإيجابي) والتي سنطلق عليها مرحلة العمل (فترة الفاعلية / الأون) وهي ترجمة حرفية من اسم الحالة باللغة الإنجليزية on status. يتبعها فترات من الأعراض المتزايدة (فترات الانعكاس السلبي) او حالة التوقف (فترة الأوف) off status والتي تكلمنا عنها في مقال سابق. يمكن أن تؤثر هذه التقلبات على نوعية حياة الشخص، حيث قد لا يتمكن من التنبؤ بما إذا كان سيكون لديه يوم جيد أو يوم سيء.
هناك عدد من العوامل التي تسهم في تقلبات الانعكاس الإيجابي والسلبي /العمل والتوقف (الأون و الأوف) في مرض باركنسون. وهناك أحد العوامل الرئيسية التي هي فقدان الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين في الدماغ، بشكل تدريجي. والدوبامين هو مادة كيميائية تلعب دوراً حيويا في تنظيم الحركة والوظائف المعرفية الأخرى. مع تناقص عدد الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين في مرض باركنسون، يصبح الدماغ أقل قدرة على إنتاج الدوبامين، مما يؤدي إلى الأعراض الحركية الشخصية للمرض.
عامل آخر يسهم في تقلبات الانعكاس الإيجابي والسلبية /العمل والتوقف (الأون و الأوف) هو طريقة استقلاب الأدوية لمرض باركنسون في الجسم. العديد من الأدوية المستخدمة في مرض باركنسون تعمل عن طريق زيادة كمية الدوبامين في الدماغ، ولكن تأثير هذه الأدوية يمكن أن يتلاشى مع الوقت، مما يؤدي إلى تقلبات على / قطع في فترات الإفادة عندما يبدأ الدواء في الانتهاء وتعود الأعراض من جديد.
لذلك، كيف يمكننا تمديد فترة الاستفادة (حالة العمل/ الأون) في مرض باركنسون؟
يتمثل أحد النهج في التركيز على تحسين فعالية الأدوية الحالية. يمكن القيام بذلك عن طريق تطوير صيغ جديدة من الأدوية الحالية، مثل الصيغ المستمرة التحرير)(Continuous release) التي تفرج /تحلل الدواء ببطء على مدى فترة أطول من الوقت. يمكن أن يساعد هذا في الحفاظ على مستوى ثابت من الأدوية في الجسم، مما يقلل من احتمالية تقلبات على / قطع في فترات الإفادة (العمل/الأون).
يتمثل نهج آخر في تطوير أدوية جديدة تستهدف مسارات مختلفة في الدماغ. هناك عدد من الأدوية الجديدة الاعداد بما في ذلك تلك التي تهدف إلى زيادة توافر الدوبامين في الدماغ ، ولكن تفعل ذلك من خلال آليات مختلفة عن الأدوية الموجودة حاليًا. قد تكون هذه الأدوية الجديدة قادرة على توفير فترات أطول من الإغاثة من الأعراض ، مع تقليل تقلبات على / قطع في فترات الإفادة (العمل/الأون) .
بالإضافة إلى الأدوية ، هناك عدد من النهج غير الأدوية التي يمكن أن تساعد في تمديد فترة الإفادة (العمل/الأون) في مرض باركنسون. يعد التحفيز العميق للدماغ (DBS) واحدًا من أفضل هذه الإجراءات الغير دوائية. ينطوي DBS على زرع اقطاب داخل الدماغ واستخدامها لأرسال نبضات كهربائية إلى مناطق محددة من الدماغ. هذا يمكن أن يساعد في تنظيم نشاط الدماغ غير الطبيعي وتحسين فعالية الأدوية الحالية، مما يؤدي إلى فترات أطول من الراحة من الأعراض.
نهج آخر غير دوائي هو ممارسة الرياضة. هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن ممارسة التمارين الرياضية العادية يمكن أن تساعد في تحسين الأعراض الحركية والتوازن والمشي لمرض باركنسون.
قد يحدث زيادة في فترات الاستقرار (حالة العمل / الأون) لدى المصابين بمرض باركنسون عند ممارسة الرياضة. ويمكن أن يكون السبب في ذلك لأن التمارين الرياضية تساعد على تحفيز إطلاق الدوبامين في الدماغ، أو لأنها تساعد في تقوية الاتصالات العصبية المسؤولة عن الحركة.
وأخيراً، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن التدخلات الغذائية قد تكون مفيدة في تمديد فترة الاستقرار (حالة العمل / الأون) في مرض باركنسون. على سبيل المثال، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن حمية غنية بالبروتين قد تعوق امتصاص بعض أدوية مرض باركنسون مما يؤدي إلى فترات استقرار أقصر. وبالمثل، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن حمية غنية بمضادات الأكسدة قد تكون مفيدة في حماية الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين من الضرر.
في الخلاصة، فإن الظاهرة المتقلبة لفترات الاستقرار (الأون و الأوف) هي ميزة شائعة ومثيرة للقلق في مرض باركنسون. على الرغم من عدم وجود علاج للمرض، إلا أن هناك العديد من النهج التي يمكن أن تساعد في تمديد فترة الاستقرار وتقليل التقلبات في الفترات. وتشمل هذه النهج تحسين فعالية الأدوية الحالية، تطوير أدوية جديدة تستهدف مسارات مختلفة في الدماغ، النهج غير الدوائي مثل التحفيز العميق للدماغ والتمارين الرياضية، والتدخلات الغذائية. ومع استمرار البحث والتطوير، يأمل أن يتمكن من إدارة التقلبات في فترات الاستقرار في مرض باركنسون بشكل أفضل، مما يعزز نوعية الحياة للمصابين وعائلاتهم.
اكتشاف المزيد من باركنسون بالعربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.