مرض باركنسون
مرض باركنسون: حقائق أساسية سريعة عن المرض
بالرغم من تعدد المسمسات: مرض باركنسون، داء باركنسون، الشلل الرعاش، الشلل الرعّاش، الشلل الارتعاشي، الباركينسون، الرعاش، البركنسون، البركسون، البركينسون: تعددت المسميات وتعددت طرق الكتابة وتعددت طرق اللفظ. ويرجع السبب وراء ذلك الى تعدد الترجمات واختلاف الثقافات واللهجات في عالمنا العربي، لكن المقصود بها واحد.
اللفظ المستخدم لوصف هذا المرض في المعجم الطبي الموحد الصادر عن المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية WHO هو داء باركنسون. ونحن في موقع باركنسون بالعربي سنعتمد هذا الفظ بالاضافة الى لفظ مرض باركنسون وذلك لأنالترجمة الحرفية لكلمة “disease” من اللغة الإنجليزية الى اللغة العربية هي كلمة “مرض“.
الباركنسون هو اضطراب عصبي تنكسي يصيب الجهاز العصبي المركزي. من الجيد أن تعرف أنه يطلق على هذا المرض باللغة الإنجليزية اسم Parkinson’s Disease و يختصر بـ PD.
معنى تنكسي:
ما الذي نقصده عندما نقول مرض تنكسي؟ حسناً…. التنكس كلمة مأخوذه من الإنتكاس أي التراجع وانقلاب الحال الى أسوء. وبالمعنى الطبي هو التدهور ويطلق عليه بالإنجليزية: (Degeneration). يمكننا القول بشكل عام هو: عبارة عن التغير من شكل أعلى إلى شكلٍ أدنى. وبصورة أكثر تحديدًا؛ هو التغير في الأنسجة من مستوى نشاط وظيفي عالي الى مستوى نشاط وظيفي أقل أو أدنى. بمعنى أن مستواها سيصبح أقل نشاطاً وظيفيًا.
اين مصدر الخلل؟
عميقاً في داخل الدماغ (المخ) توجد منطقة تتحكم بحركة العضلات تسمى النواة القاعدية. جزء محدد من هذه المنطقة يسمى المادة السوداء تفرز مادة تدعى الدوبامين لها العديد من الوظائف الحيوية في الجسم، من أهمها أنها تتحكم بحركة العضلات في الجسم.
ما هو الدوبامين؟
ربما سمعت مؤخراً الكثير من الحديث عن الدوبامين. ويتناقل الجميع في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي عن الدوبامين ويصفونه بأنه هرمون الساعة او بهرمون الحافز وغيرها من المسميات. لكن فعليًا ما هو الدويبامين؟
الدوبامين: هو عبارة عن (مادة كيميائية) أو هرمون طبيعي يفرز من منطقة العقد القاعدية في الدماغ بشكل طبيعي في أجسامنا. وهو ناقل عصبي يتواجد في الفراغ ما بين الخلايا العصبية، حيث انه يقوم بمهمة نقل المعلومات العصبية من نهاية خلية عصبية الى بداية الخلية العصبية التالة. ومن الوظائف الأساسية الأخرى للدوبامين هو تعزيز الشعور بالحافز ليجعلك للقيام بفعل ما.
في حالة الشخص الطبيعي يُفرز الدوبامين ويتواجد بكميات كبيرة وكافية لنقل المعلومات العصبية بين الخلايا بالسرعة المطلوبة والكفاءة اللازمة. وذلك للقيام بالمهام الحياتية المختلفة، سواءً البسيطة منها او المعقدة.
بالمقابل في حالة مريض باركنسون فإن الخلايا “او جزء منها”في منطقة العقد القاعدية، المسوؤلة عن افراز الدوبامين تموت أو لا تعد تعمل بالكفائة المطلوبة. ونتيجة لذلك يقل إفراز الدوبامين في الدماغ فتبدأ أعراض المرض بالظهور. عموماً لا يُعرف سبب تلف هذه الخلايا بالضبط ولماذا. وانما هناك بعض النظريات غير المبرهنة لتفسير ذلك.
ومع تقدم الوقت وتلف المزيد من الخلايا المنتجة للدوبامين تزداد شدّة الأعراض وقد تظهر أعراض جديده لم يعهدها مريض باركنسون من قبل وبالتالي تزداد الحاجة لمزيد من العلاجات. ومع تفاقم المرض يمكن أن يعاني المريض من اضطرابات في الحركة وصعوبة في المشي والحديث وانجاز المهمات. (راجع قسم الأعراض في الموقع للتعرف عليها بالتفصيل)
عادةً ما يبدأ هذا المرض في عمر الخمسين الى الستين تقريباً ولكنه يمكن أن يبدأ قبل ذلك في عمر مبكر ايضا. وتزداد فرص الإصابة بالباركنسون بتقدم العمر. وتشير الإحصاءات أن حوالي 10% من مرضى باركنسون تظهر لديهم الأعراض قبل عمر الـ 40 عاماً
يمكننا القول ان نسبة اصابة الرجال بالباركنسون تقدر بمرة ونصف أكثر من النساء
من الضروري أن يعي المريض وعائلته أن مرض باركنسون مرض مزمن. بمعنى أوضح أن المرض يبقى ملازم للمريض طوال حياته. وانه يتوجب على المريض وعلى القائمين على رعايته ان يتعلموا كيفية التعايش مع المرض. وكذلك ايجاد الحلول المناسبة وطرق الدعم الضرورية لسهيل حياته.
من الضروري ايضاَ ان يعرف مريض الباركنسون وعائلته ومقدمي الرعاية له ان المرض متقدم مع الوقت. أي أن شدّة المرض وشدّة الأعراض غالباً ما تزداد مع تقدم المريض بالسن وازدياد عدد سنوات المرض. وبالتالي تزيد الحاجة لمزيد من الأدوية. فيجب الالتزام بمراجعة الطبيب المختص بانتظام لتعديل الأدوية وجرعاتها ومواعيدها أو ايجاد حلول بديلة أو مساندة للأدوية.
يمكننا القول بأن أعراض مرض الشلل الرعاش تتطور ببطئ على مدى سنوات. وتختلف الأعراض وشدّتها من مريض لآخر
يعتبر مرض باركنسون من بين الأمراض العصبية التنكسية الأكثر انتشاراً (الأكثر شيوعاً)، فهو يحتل المرتبة الثانية بعد مرض الزهايمر.
عندما نتكلم عن مرض باركنسون او الشلل الرعاش فإننا نشير الى الباركنسون مجهول السبب. ولا نتكلم عن ما يعرف بمتلازمة الباركنسونية أو باركنسون بلَص. والذي يشير الى عدة تشخيصات لأمراض تتشابه مع مرض باركنسون في بعض الأعراض. وانما تختلف عنه في أعراض أخرى وفي منطقة التلف في الدماغ والاستجابة للعلاجات وسرعة تقدم الحالة
الى الآن – علمياً – لا يوجد علاج يشفي من مرض باركنسون. (وهذا لا يتعارض مع ايماننا المطلق أن الشافي هو الله وهو القادر على كل شيء). وما تزال الأبحاث قائمة والجهود العلمية مستمرة ولا نعلم ماذا يستجد في المستقبل من نتائج مبشرة لعلاج هذا المرض
تنويه: لا بد أن يعلم مريض باركنسون ان جميع العلاجات المتوفرة حالياً من أدوية، او مضخات، أو عمليات جراحية، أو تأهيل طبي أو غيرها، انما هي فقط لتخفيف الأعراض، والمشاكل التي قد تترافق مع المرض. ولتحسين نوعية حياة المريض وزيادة قدرته على القيام بمهامه اليومية معتمداً على نفسه أكبر قدر ممكن. (أي: تمكين المريض والحفاظ على استقلاليته)
نسبة الإصابة بمرض باركنسون
نسبة الإصابة بمرض باركنسون تقدر بحوالي 2 لكل 1000 شخص في المجتمع في أي وقت. وتزداد نسبة الإصابة لتصل الى 1% ممن هم فوق سن 60 عاماً. وترتفع النسبة لتصبح قرابة 5% لمن هم فوق الـ 80 عاماً
للأسف، لا يوجد إحصائيات دقيقة ورسمية لأعداد مرضى باركنسون أو نسب الإصابة في عالمنا العربي. الأمر المبشر في الأمر أن هناك جهوداً حثيثة تبذل في العديد من البلدان العربية. وذلك لإستحداث قواعد بيانات ومراكز أبحاث واحصاءات تعنى بمرض باركنسون
هل مرض باركنسون مميت؟
بعد التشخيص بمرض باركنسون، غالبا ما تتبادر لذهن المريض والمقربين منه عده أسئلة، من أهمها؛ هل هذا المرض مميت /قاتل ؟ وكم سأعيش؟ الإجابة المختصرة والمفرحة أن مرض باركنسون غير قاتل (غير مميت) بحد ذاته. إلا ان مضاعفات المرض والمشاكل التي قد تصحبه قد تكون كبيرة وخطيرة. وقد تهدد حياة المريض في بعض الحالات المتقدمة. مثل عدم القدرة على البلع والشرقة (دخول الماء او الطعام اللى مجرى التنفس) وحالات السقوط وغيرها.
مما لا شك فيه أن مرض باركنسون من الممكن أن يشكل عبئ بدني ومادي ونفسي على المريض وعائلته ومقدمي الرعاية. لهذا لا بدّ من التعلم المستمر حول المرض والعلاجات. كما يجب البحث عن طرق الدعم المادي والمعنوي التي تساعد المريض وعائلة هلى الاستمرار والتعايش مع المرض.
ملاحظة: الصورة في أعى الصفحة هي للملاكم العالمي المشهور محمد علي كلاي. والذي أصيب بمرض باركنسون وقد أسس مركز محمد علي لعلاج وأبحاث مرض باركنسون واضطرابات الحركة. ويظهر فيها محمد علي ومرافقته الشخصية مارلين ويليمز ( أخت زوجته)، والطبيب “روبرت سبيتزلر” مدير – في حينه – مركز بارو للأمراض العصبية. والذي يضم مركز محمد علي للباركنسون في مدينة سانت جوزيف في ولاية أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية.
لا تنسى متابعتنا ومشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي فيسوك تويتر انستقرام بنتريست يوتيوب